بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
حول قوله تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
ونظرات وتأملات حول مطلب إبراهيم عليه السلام
(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)
(الفصل السادس)
#-
فهرس:
:: الفصل السادس :: ج1/
نظرات في قصة إبراهيم عليه السلام عن جزئية طلبه من ربه رؤيته كيفية إحياء
الموتى ::
1- س11: ماذا أفادت لام التعليل في قول إبراهيم عليه السلام (ليطمئن قلبي) ؟
2- س12: لماذا طلب إبراهيم عليه السلام من ربه رؤية ومشاهدة كيفية
إحياء الموتى على وجه الخصوص ؟
3- س13: لماذا طلب الله من إبراهيم عليه السلام أن يأخذ أربعة طيور ويتفحصهم جيدا حين قال له (خذ أربعة من الطير فصرهن إليك) ؟
================
:: الفصل السادس
::
================
..:: س11: ماذا أفادت لام التعليل في قول
إبراهيم عليه السلام (ليطمئن قلبي) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- عند قول إبراهيم عليه السلام (ليطمئن قلبي) .. يوجد حذف في الآية مدرك للفهم وهو بمعنى
"ولكن سألتك
ليطمئن قلبي" .. واللام من قوله (ليطمئن)
هي لام التعليل وقد أفادت سبب طلب إبراهيم لرؤية كيفية إحياء الموتى .. وهو طمأنة
قلبه ومحو الشك عن عقله الذي يؤثر في طمأنة قلبه.
- وكأن إبراهيم أراد القول: إن ارتفاع الشك عن عقلي وتثبيت الطمأنينة في
قلبي لا يتم إلا بهذا المطلب.
- وهذا يجعلنا نتمسك أكثر بالتفسير القائم على أن إبراهيم لم يكن
نبيا حين قال (رَبِّ
أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى) .. إذ لا يمكن أن يكون إبراهيم نبيا حينئذ
.. لأنه لو كان نبيا كان عرف أن الكيفية بكن فيكون كما قال ربنا: (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) غافر:68 ..، بل أن الإيمان بالغيب لا يتطلب معرفة
كيفيات خاصة بالشئون الإلهية .. وهذا في حق المؤمن العادي فما بالنا بمن يكون نبيا
رسولا ؟!! وهذا أبسط رد ممكن أن نذكره.
#- إذن قول إبراهيم (ليطمئن قلبي):
أفادت لام التعليل سبب مطلبه وأن تحقيق الطمأنينة لا تكون إلا برؤية كيفية إحياء
الموتى.
- وكأن إبراهيم لما قال (بلى ولكن ليطمئن قلبي) فإنه يقصد أن يقول: ما سألت إلا وقلبي مؤمنا بوجود ربا خالقا لهذا
الوجود .. وإن كنت مطمئنا بأن للكون ربا واحدا لا شريك له .. ولكن لتحقيق
الطمأنينة في القلب بأن هذا الرب هو الذي يكلمني الآن .. فأرني يا رب كيف تحي
الموتى ليطمئن قلبي اطمئنانا كاملا .. وأخضع لك خضوعا تاما بأنك أن الرب الحق الذي
يكلمني وهو خالق الوجود.
- والله أعلم.
********************
..:: س12: لماذا طلب إبراهيم عليه السلام من ربه رؤية ومشاهدة كيفية
إحياء الموتى على وجه الخصوص ؟ ::..
#- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ
أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ
مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة:260.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- كنت تسائلت فقلت: لماذا سأل إبراهيم عليه السلام عن كيفية
إحياء الموتى على وجه الخصوص ؟!
- فقلت بيان ذلك في الآتي:
1- أريدك أن تنتبه لشيء مهم أخي الحبيب: وهو أن إبراهيم لم يطلب من
الله أن يريه قدرته على إحياء الموتى .. لا .. وإنما طلب رؤية كيفية إحياء الموتى
.. أي طلب رؤية الكيفية وليس مجرد الإيجاد .. يعني هو لا يريد رؤية النتيجة
النهائية .. وإنما يريد مشاهدة الكيفية التي يتم بها الوصول للنتيجة النهاية ..
2- فمثلا: فرق بين أن تقول أريد تصنيع هذا
الكرسي كرسي .. وبين أن تقول أريد كيفية تصنيع هذا الكرسي .. فالأول أنت طلبت
تصنيع الكرسي لك وتذهب لتدفع ثمنه دون معرفة كيف تم عمله .. ولكن في اللفظ الآخر
أن أردت معرفة كيف يتم عمله وذلك من خلال رؤية كيف يتم تجميع الكرسي من داخل
المصنع حتى يخرج كمنتج نهائي.
3- يعني إبراهيم عاوز يشوف أمام عينه كيفية تركيب
الخلق بيد القدرة الإلهية بعد فنائهم .. والمقصد هنا مشاهدة كيفية البعث .. أي مشاهدة
طريقة التركيب أو أعادة الهيكلة خطوة خطوة .. أي مشاهدة كيف يجمع الله بها ما تفرق
من أجزاء الميت التي لم يعد لها وجود .. سواء بعد أن تحلل جسده وأصبح رميم في قبره
.. أو لشخص أكلته السباع وتفرق جسده في
بطونهم .. أو مات في البحر فأكلت الأسماك جسده .. أو مات في صحراء فأكلت الطيور
جسده .. وفي كل الأحوال سيتفرق جسد الميت سواء دفن في قبره فتحلل مع تراب الأرض أو
أكلته الحيوانات ..
4- ولكن لماذا طلب إبراهيم هذا الطلب على وجه
الخصوص ؟!!
لسببين:
- الأول: لأنه لو انكشف له حقيقة ذلك .. ثبت بيقين أن من يكلم إبراهيم هو الخالق جل شانه.
- الثاني: لعل إبراهيم أراد أن يغلق مسألة البعث في عقله ..
إذ لعل قومه ممن كانوا يقولون ان الحياة لا بعث بعدها
..
- فبهذا المطلب الإبراهيمي من
ربه .. يمحو أي شبهة في نفسه .. ويغلق كل مسائل احتمالات العقل التي يمكن أن يفكر فيها .. بل
ويغلق كل وساوس يمكن أن يفكر فيها الشيطان بسبب هذا المطلب الذي يستحيل للشيطان أن
يتدخل فيه .. حتى إذا تحقق مطلبه .. اطمئن القلب بيقين كامل .. وخضع حينئذ
لاستقبال ما يطلبه منه ربه بكل اطمئنان وسلام وخضوع تام.
- والله أعلم.
*****************
..:: س13: لماذا طلب الله من إبراهيم عليه السلام أن يأخذ أربعة طيور
ويتفحصهم جيدا حين قال له (خذ أربعة من الطير فصرهن إليك) ؟ ::..
#- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ
أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ
مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة:260.
#- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (الممتوفى:1431 هـ):
- قوله: (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ): أي فاضممهن إليك - قرئ بضم الصاد
وكسرها وتخفيف الراء - يقال: صاره يصوره ويصيره .. أي أماله وضمه إليه.
- ويقال أيضا: صار الشيء .. بمعنى قطعه وفصله.
- والمعنى: قال الله- تعالى- لإبراهيم: إذا
أردت معرفة ما سألت عنه فخذ أربعة من الطير فاضممهن إليك لتتأملهن .. وتعرف
أشكالهن وهيئاتهن .. كيلا تلتبس عليك بعد الإحياء ..
- ثم اذبحهن وجزئهن أجزاء (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ
مِنْهُنَّ جُزْءاً): أي ثم اجعل على كل مكان مرتفع من الأرض جزءا من كل طائر
من تلك الطيور .. ثم نادهن يأتينك مسرعات إليك.
- والفاء في قوله (فَخُذْ): هي التي تسمى بالفاء الفصيحة .. لأنها
تفصح عن شرط مقدر .. أي: إذا أردت ذلك فخذ. (التفسير الوسيط
ج1 ص600-601).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- طلب الله من إبراهيم أن يأتي بطيور مختلفة فيقتلها هو بيده .. ويخلط
أجزائها ببعض .. ويضع هذه الأجزاء في أماكن متفرقة .. ثم سيريه الله كيف يجمع كل
جزء مختلط ببعضه .. ويرده إلى الأجزاء المخصوصة بعضها لجسم كل طائر .. حتى يعاد
تشكيلها مرة أخرى ويعيدها سيرتها الأولى .. وإليك بيان ذلك:
2- قال لإبراهيم: (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ
فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ
ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
- أي خذ أربعة طيور .. وصرهن إليك .. أي ضمهم إليك متفحصا فيهم جيدا
لتتذكر أوصاف شكلهم جيدا وألوانهم وهيئتهم .. ثم اذبحهم وقطعهم إلى أجزاء وضع على
كل جبل منهن جزء ..
3- وكأن الله يريد من إبراهيم أن
ينتبه ويتحقق من الآتي:
- إنك أنت الذي أتيت بالطير بنفسك وتفحصتهم فحصا دقيقا
..
- وأنت الذي بيدك ذبحت الطير ..
- وأنت الذي بيدك قطعت الطير ..
- وأنت الذي بيدك وضعت كل جزء من كل طير على جبل.
#- ولعل حكمة ذلك .. كأن الله يريد ان يقول لإبراهيم: أنت فعلت كل ذلك بنفسك .. حتى لا
يساورك أي شك من أي نوع .. فتقول أن في المسألة تدخل أو تلاعب بك من الشيطان .. لا .. أنت الفاعل بنفسك كل شيء .. والله أعلم.
#-
ملحوظة: ولا نعرف عدد الجبال .. وغالبا أربعة بعدد الطيور كما قال بعض السلف –
ولا نعرف نوع الطيور متشابهة أم مختلفة .. ويغلب على الظن أنها مختلفة الأشكال
والألوان والأحجام .. حتى يبين الله لإبراهيم أن الإختلاف في الشكل والنوع مع
اختلاطهم ببعض .. ليس معجزا للقدرة الإلهية .. بل المسألة أبسط من ذلك .. فقط
بكلمة .. ويعود كل شيء كما كان ..
- والله أعلم.
%20-%20%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7%20%D8%B7%D9%84%D8%A8%20%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85%20%D9%85%D9%86%20%D8%B1%D8%A8%D9%87%20%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9%20%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A5%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA%D9%89%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D9%88%D8%AC%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5..png)
وعلى سيدنا ابراهيم السلام
ردحذفاللهم كما أبدلت حال سيدنا ابراهيم فصار خليلك .. أبدل حالنا الى الحال الذي يرضيك عنا .. آمين يارب العالمين
بارك الله فيك استاذنا الفاضل
وانعم عليك وجزاك ماهو اهله
امين يارب العالمين
مما جال في خاطري .. ان ارجع الى الآيات التي سبقت قصة سيدنا ابراهيم .. وقد علمتنا استاذنا الفاضل في فهم القرآن ان نربط الايات السابقة واللاحقة بما نحن في صدد فهمه .. فرجعت الى الايات التي سبقت قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام ..
حذف{ أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامࣲ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِا۟ئَةَ عَامࣲ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ یَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَیۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمࣰاۚ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ (٢٥٩) وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِی كَیۡفَ تُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّیَطۡمَىِٕنَّ قَلۡبِیۖ قَالَ فَخُذۡ أَرۡبَعَةࣰ مِّنَ ٱلطَّیۡرِ فَصُرۡهُنَّ إِلَیۡكَ ثُمَّ ٱجۡعَلۡ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلࣲ مِّنۡهُنَّ جُزۡءࣰا ثُمَّ ٱدۡعُهُنَّ یَأۡتِینَكَ سَعۡیࣰاۚ وَٱعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ (٢٦٠) }[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٥٩-٢٦٠]
.. وكانها جاءت لتبين لنا الفرق بين من عرف الله لكن ايمانه لم يتجاوز لسانه .. وبين من عرف ربه ووقر الايمان في جنانه ..
فمن لم يزل عنده شك في ان سيدنا ابراهيم لم يكن مؤمنا بربه ايمانا يقينيا .. فليقف على قصة العزير .. ويدقق في سؤاله : ( أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ ) .. فهو يسأل ( أنّى ) اي متى سيعيد الله الحياة لهذه القرية التي خربت وماتت !! .. فقد سأل سؤال الشاك بالقدرة .. سأل وهو مستبعد ان يحدث ذلك .. وبعد ان اماته الله وامات حماره ثم احياهم .. أيقن ان الله على كل شيء قدير ..
اما سيدنا ابراهيم عليه السلام .. فكما وضح لنا استاذنا الفاضل في الاجزاء الاخيرة انه كان مؤمنا بقدرة الله بل وكان في غاية الادب في سؤال ربه .. فقد سأل سؤال المؤمن المتمكن بأن الله فعّال فاستحق الاجابة في الحال .. وكأن الأدب سبب الوهب .. بل وزيادة على ان اشهد الله سيدنا ابراهيم على حقيقة الاماتة والاحياء .. فقد زاده علما وعرّفه انه العزيز الحكيم .. الذي لا يعجزه شيء وان الحكمة لا تفارق افعاله .. وكأنه يقول لسيدنا ابراهيم : اثبت على ايمانك وكن عزيزا بربك موقنا بحكمته .. فإني انا العزيز الحكيم ولا عزيز ولا حكيم غيري .. لا إله إلا هو
وكما قلت لنا استاذنا .. من اراد حق السلوك فله في سيدنا ابراهيم المثل الاعلى .. عليه الصلاة السلام
هذا .. والله اعلم ..
ان صح الخاطر فلله الحمد
وان اخطأ فليغفر الله لي
في السؤال 13 .. جال في خاطري سؤال ..
حذف1- لماذا اربعة من الطير وليس اقل او اكثر .. ؟!
2- ولماذا من الطير وليس من الدواب ؟!
فقلت .. لعل العدد وجنس الطير ترمز الى شيء معنوي .. وخاصة اننا قلنا : من اراد السلوك الى الله فليتعرف على قصة سيدنا ابراهيم ..
فقلت : لعلها الموانع التي تحول بين السالك وبين ربه وإلهه .. فذبحها سيدنا ابراهيم حتى قال فيه ربه جل وعلا :{ إِذۡ جَاۤءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبࣲ سَلِیمٍ }[سُورَةُ الصَّافَّاتِ: ٨٤]
فبحثت في امراض القلوب .. فوجدت الاصمعي يقول : المهلكات أربع : الكبر ، والحسد ، والبخل ، والحرص ..
فاطلعت على حقيقة كل آفة من تلك الآفات الاربع .. فوجدت ان لا صفاء للقلب اذا لم يخلو منها بالكلية .. وانتزعها السالك بالمجاهدة ..
فالله سبحانه وتعالى لم يأت بالطيور الاربعة ميتة كي يري ابراهيم احياءها .. بل طلب منه ان يقوم ويسعى ويأت بالطير ؛ فقال له : فخذ اربعة من الطير .. ولم يحدد له انواع الطير .. بل ترك الاختيار لسيدنا ابراهيم ..
# وكأنه يقول لنا : قم وخذ اربعة من محبوباتك في الدنيا ومرغوباتك وميولاتك وشهواتك .. ( فصرهن ) - اعقد عزم المجاهدة على التخلص منهن - واذبحهن .. ثم فرقهن .. فإذا صبرت على مفارقتهن ولم تلتفت لفقدان احداهن .. جمعهن الله مرة اخرى امتحانا وابتلاء .. فإذا صدقت يأتينك سعيا وقد ابدلهن الله بمحبوباته ومافيه رضوانه ..
فالطير شراك .. من علق به يلوث قلبه وانتفت السلامة عنه ..
الطير الاول : لو ذبحته وتخليت عن الكبر والغرور والعجب وتواضعت للناس .. فقد أثبتَّ ان العزة والكبرياء لله وحده .. فسعت اليك العزة والرفعة والمكانة بين الناس
الطير الثاني : لو ذبحته وتخليت عن الحسد وأحبب لغيرك ماتحب لنفسك .. أثبت ان النعم من عند الله .. وهو المنعم وحده يقسمها بين عباده كمايشاء وبحكمة .. فما عليك الا الرضى .. سعت اليك النعم تراضيك
الطير الثالث : لو ذبحته وتخليت عن البخل وانفقت مما رزقك الله .. أثبت ان المال ملك لله ليس من حقك ان تحبسه عن خلقه .. سعت اليك البركة وينفق عليك من حيث لا تحتسب ..
الطير الرابع : لو ذبحته وتخليت عن الحرص على الدنيا ومافيها .. أثبت ان الله وحده المستحق التعلق به لانه الحي القيوم .. سعى اليك حبه واصبحت محبوبه ..
= او لو قلنا ايضا .. ان ذبح الطيور الاربعة كناية عن ذبح : فضول الكلام - فضول الطعام - فضول النظر - وفضول النوم .. فتلك ايضا عوائق في الوصول الى الله بقلب سليم
فابحث في عيوبك .. " { بَلِ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِیرَةࣱ }[سُورَةُ القِيَامَةِ: ١٤] .. منا المجاهدة ومن الله الهداية .. هو ولي ذلك ..
# اما السؤال .. لماذا لم يطلب الله من سيدنا ابراهيم ان يأتي بأربع من الدواب بدل الطير ؟!!
قلت .. لعل الموانع في السير الى الله .. كالطير .. تحتاج صبرا في اصطيادها و ذبحها .. كذلك آفات النفس .. تحتاج صبرا في معالجتها .. وكلما غفلت عنها توغلت فيك .. والطير اذا غفلت عنه طار بعيدا واصبح صعب المنال .. فكن يقظاا .. هذا .. والله اعلم
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها
ارجو من استاذنا الفاضل ان يصحح لي الخاطر ان اخطأت .. وجزاك الله كل خير وبانتظار تذوقك الذي لا نستغني عن النهل منه
الغريب في هذا التعليق أنه تم كتابته تقريبا مع رفع موضوع الفصل الجديد ..
حذفوغريب فعلا أن احد المسائل التي كانت مكتوبة في الفصل الجديد بعنوان (لماذا الطيور أربعة ولا أقل ولا اكثر) ولكني عدلته بعد ذلك حتى لا يكون السؤال طويل..
===========
المهم:
الكلام المذكور في التعليق أختي الفاضلة قطر الندى ..
- يوجد بعض العلماء تكلموا في ذلك خاصة من لهم ميول روحية .. ولكنهم اخذوا من أسماء الطيور الأربعة التي ذكرها بعض التابعين وهي (الطاووس والغراب والحمامة والديك) وجعلوا لكل طائر من هؤلاء وصف للنفس .. فالطاووس للعجب والكبر - والديك للشهوة الحميمة - والغراب للحسد والغل - والحمامة للكسل والخمول ولين الجانب ..، والبعض يستبدل الحمامة بالنسر ويقول يرمز الإنتقام ..
- ولكن هنا إشكالية في كلامهم:
- لو كان المقصد الروحاني (على سبيل الإشارة والرمزية - وليس تفسيرا) .. هو كما قالوا .. فلماذا بعد ان يذبحهن .. يدعوهن وفياتينه سعيا .. أي يعودون إليه مرة أخرى في سيرتهن الاولى ؟!!
- إذن: الإشارة الروحانية هنا غير متجانسة مع سياق الآية .. لنه سيكون المعنى أن ذبح صفات الهوى للتحرر منها .. يعود إليك مرة أخرى لأنك مأمور بدعوتهن .. فكيف يكون هذا الطير حينئذ من صفات الهوى أو من عيوب النفس ؟!!
#- ولكن إن أردنا أن نرمز بطريق الإشارة فأقول وبالله التوفيق:
- أن من أراد شهود طيور الحق (عنابة الله) تسعى إليه من لطيف فعل الله .. فكبر على الدنيا أربعة تكبيرات (أي كأنها ماتت من قلبك) .. ويبقى قلبك موقنا بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله .. فإن فعلت .. أتتك ألطاف العناية تسعى من حيث لا تعلم ولا تدري بمجرد أن تقول : (بسم الله يكون) فيكون.. لأنك حينئذ تكون ناطقا بالحق الساري فيك من نور الحق. (وكنت لسانه الذي ينطق به).
- وبمعنى آبسط : كبر أربعة تكبيرات على الدنيا (أي أسقطها من قلبك) .. وسترى من عجيب صنع الله في الوجود ما يدهشك وترى من فضل الله ما لا يراه الآخرون.
- والله أعلم.
======================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ماشاء الله ... راااااائع ...
حذفربي يحققنا بما يعلمنا ..
ويزيدك من انواره استاذنا الفاضل
آمين يارب العالمين
تأملت قولك استاذي
حذفأن من أراد شهود طيور الحق (عنابة الله) تسعى إليه من لطيف فعل الله .. فكبر على الدنيا أربعة تكبيرات (أي كأنها ماتت من قلبك) .. ويبقى قلبك موقنا بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله .. فإن فعلت .. أتتك ألطاف العناية تسعى من حيث لا تعلم ولا تدري بمجرد أن تقول : (بسم الله يكون) فيكون.. لأنك حينئذ تكون ناطقا بالحق الساري فيك من نور الحق. (وكنت لسانه الذي ينطق به).
- وبمعنى آبسط : كبر أربعة تكبيرات على الدنيا (أي أسقطها من قلبك) .. وسترى من عجيب صنع الله في الوجود ما يدهشك وترى من فضل الله ما لا يراه الآخرون
------
تألمت كلامك استاذي ولامس قلبي جدا و سألت نفسي ما هي طيور الحق الأربعة التي تسعى إلى العبد؟
أو ما هي الأشياء التي يسلمها العبد إلى ربه، فتعود إليه تسعى بنور الحق؟
هي الجسد، النفس، العقل، القلب.
فإذا سلمها العبد إلى ربه وأخضعها له،
عادت إليه مؤيدة بأرواح الحق.
1- الجسد:
إذا سلمه العبد لله، وحفظ أعضاؤه مما يغضب الله،
صار جسده خاضعا لطاعة الله، يتحرك لله وبالله ولله.
2- النفس:
إذا سلمها العبد لله، وتطهرت من فجورها،
ألهمها الله تقواها، فصارت نفسا راضية مرضية.
3- العقل:
إذا سلم العبد فكره لله، وتدبر في آياته كما فعل إبراهيم عليه السلام،
ومع صدق التوجه أشرقت عليه أنوار الحكمة،
فرأى حقيقة الخلق وسر الوجود، وشهد ملكوت السماوات والأرض.
4- القلب:
إذا سلمه العبد لله، وجاهد لتطهيره من كل صفة مذمومة،
رزقه الله قلبا سليما، فغدا من المقربين المؤيدين بنور الحق.
فإذا سلم العبد هذه الأربعة لربه،
ردها الله إليه بنوره، تسعى كما سعت الطيور إلى إبراهيم،
فتتحرك أعضاؤه بالحق، ويفكر عقله بالحق،
ويطمئن قلبه بنور الحق،
فتسعى كل ارواح الحق اليه
فيصبح العبد في حضرة قوله تعالى:
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين.
والله اعلم
---
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم
ملاحظة استاذي الفاضل ..
حذفبالنسبة للآية { ثم ادعوهن يأتينك سعيا }
كانت الاشارة في خاطري على غير المعنى : يعودون الى سيرتهن الاولى
بل .. كان المقصود : بعد ان ذبحهن .. دعاهن ان يأتينه على حالهن بعد الذبح ( باعتبار هذه الطيور امراض قلبية او صفات نفسية قطعت وانتزعت ) .. فجئنه سعيا بالآثار التي ترتب عليها ذبح كل طائر اي بآثار المجاهدة والمكابدة .. فقد تبدلت حتما .. كالرضا والعزة والمحبة والبركة .. ارواح خاضعة للمؤمن ..
هذا .. والله اعلم
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير:
ردحذف---------
جزئية الآية ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾
(البقرة: 260)
جعلتني أرى مشهد انتقال سيدنا إبراهيم في مراتب اليقين: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين و تمكين سيدنا ابراهيم وتأيديه بكلمة ( كن فيكون)
---------
🌹 علم اليقين:
إبراهيم كان يعلم بعقله وإيمانه أن الله يحيي الموتى، لكنه أراد أن ينتقل من العلم النظري إلى المشاهدة.
أي كان عنده علم اليقين بإحياء الله للموتى.
🌹 عين اليقين:
فلما رأى بأمّ عينيه الطيور كيف كانت قبل الموت وبعده، وكيف وُزّعت أجزاؤها ثم عادت إلى الحياة، صار الإيمان عنده رؤية مشاهدة وملموسة، لا خبرًا مسموعًا فقط.
وهنا وصل إلى عين اليقين، أي رؤية الحقائق عيانًا.
🌹 حق اليقين:
وعندما رأى قدرة الله تتجلى في يده، وأحيا الله الطيور بأمر خرج من فمه بإذن الله، تذوّق بنفسه حقيقة الفعل الإلهي، فصار الإيمان تجربة عاشها، طبعت في قلبه وعقله وروحه، وكأنه كان في مشهد من مشاهد الملكوت، مشهد كلمة الله: (كن فيكون).
فبلغ حق اليقين، أي شهود الحقيقة في نفسه، لا بعقله ولا بعينه فقط، بل بذوقه ووجوده وروحه.
---
استوقفتني الآية ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
كان من الممكن أن يكون الأمر من الله مباشرة فتأتي الطيور سعيًا إليه،
لكنه جعل الأمر والنداء يخرج من فم إبراهيم عليه السلام، وكأنه أراد أن يعلمه شيئا ويريه سرا و يمنحه تأييدا وتمكينا في الارض
هو لم يره بعث الحياة فقط، بل أراه تجلي الكلمة الإلهية من قلب مؤمن بها
وكأنها لحظة تطبيقية لمعنى (كن فيكون) حين تمنح لعبدٍ من عباد الله المقربين،
فإن وجهت إلى العدم أوجدته، وإن وجهت إلى الميت أحيته
لقد أيده الله بسر الكلمة، فجعل يده مظهرا لقدرته، ولسانه مجرى لأمره
فكان في مقام يشهد فيه الفعل الإلهي يتجلى من خلاله هو بسر (كن فيكون)
والله اعلم
------------
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب
أشهدَني سِرَّ (كُنْ)، فلمَّا شهدتُه لم(أَكُنْ).
ردحذفلما قرأتها كأنها تصف حال سيدنا ابراهيم عليه السلام عقلا وقلبا وروحا